الحوت الأبيض هو حيوان ثديي بحري فريد يعيش في مياه القطب الشمالي، واكتسب الحوت الأبيض عدد قليل من الألقاب الشائعة منها حوت بيلوغا، والدولفين الأبيض، وكناري المحيط، والحوت الأبيض هو واحد من أصغر أنواع الحيتان في العالم، ويمكن التعرف عليه بسهولة من خلال لونه المميز وجبهته البارزة، والحوت الأبيض هو واحد من الحيوانات المهاجرة، فهل الحوت الأبيض لديه حيوانات مفترسة؟ وكيف يصطاد الحوت الأبيض؟ وما هي أهم التهديدات التي تواجهه؟ لدينا الكثير من المعلومات عن هذا الحيوان الرائع، فتابعونا.
الحوت الأبيض يسمى الدولفين الأبيض وذلك لشبهه الشديد بالدلفين، فهو حيوان ثديي مائي يعيش في البحار الجليدية، ويهاجر الحوت الأبيض في الشتاء نحو الجنوب ويصل حتى السواحل الفرنسية وألاسكا وكندا، ويبلغ طول الحوت الأبيض ستة أمتار ووزنه طن ونصف، كما أن الحوت الأبيض هو الحيوان الوحيد الذي ليس له أعداء في البحر، ومع ذلك كل الحيوانات البحرية تخاف الحوت الأبيض حتى الحيتان القاتلة الأخرى، أما عدوه الوحيد هو الدب القطبي ولكن في حالة واحدة أن يحاصر الحوت الأبيض بقطع الجليد، حيث تقوم الدببة حينها باستغلال هذا الموقف لسحب الحوت الأبيض إلى اليابسة لأكله.
يعتبر الحوت الأبيض هو أصغر أنواع الحيتان الموجودة على كوكب الأرض، ويتميز الحوت الأبيض بلونه المميز الناصع البياض وعدم وجود الزعنفة الظهرية كما هو الحال في باقي أنواع الحيتان المعروفة وتكوين الحوت الأبيض يتناسب مع الظروف البيئية حيث نجد أن تكييفه مع الحياة في القطب الشمالي جعل لديه عدد من الخصائص التشريحية و الفسيولوجية التي تميزه عن غيره من الثدييات البحرية منها غياب الزعنفة الظهرية مثلا.
صفات الحوت الأبيض
أما عن خصائص الحوت الأبيض الجسدية فنجد أن الجسم أبيض اللون في الأفراد البالغة رمادي أزرق داكن أو بني في الصغار، وهناك من 8-10 أسنان على كل جانب من كل فك، كل سن بقطر حوالي 2 سم، و هناك حافة سفلية على الظهر لكن ليست هناك زعنفة ظهرية، والزعانف الجانبية مستديرة، الجمجمة منتظمة، وفتحة التنفس موجودة في اليسار، أما عن الطول فقد يصل طول الحوت الأبيض إلى 5.5 متر ويبلغ وزنه 1575 كيلو جرام تقريبا.
لا يصبح الحوت الأبيض أبيض اللون قبل سن 4 إلى 5 سنوات، وحتى ذلك الحين، يكون الحوت الأبيض الصغير بني رمادي أو أسود، ويجذب الحوت الأبيض اللامع الكثير من الإهتمام في البحر، والمثير للدهشة أن اللون الأبيض جزء من تمويهه بين العديد من الجبال الجليدية في المنطقة القطبية الباردة، وليس من السهل على الدببة القطبية اكتشاف الحوت الأبيض، وخلال فصل الشتاء يصبح جلد الحوت الأبيض على ظهره والزعانف أكثر سمكا لحماية الحيوان من البرد، خلال فصل الصيف، يقوم الحوت الأبيض بفرك جسده بالصخور والحصى للتخلص من الجلد السميك مرة أخرى.
موطن وموئل الحوت الأبيض
الحوت الأبيض قطبي وشبه قطبي بالكامل، ويسكن المحيط المتجمد الشمالي والبحار المجاورة له، بما في ذلك بحر اوخوتسك وبحر بيرنغ و خليج ألاسكا وبحر بوفورت وخليج بفين وخليج هدسون وخليج سانت لورنس، ويعيش الحوت الأبيض في المحيط المتجمد الشمالي والبحار المجاورة، وخلال أوقات معينة من السنة يوجد أيضا في الأنهار الكبيرة، وخلال أوقات معينة من العام، يمكن العثور على الحوت الأبيض في الأنهار الكبيرة مثل نهر أمور في روسيا ونهر يوكون وسانت لورانس في كندا، وتم العثور على الحوت الأبيض عند 1،995 كم (1،240 ميل) أعلى نهر أمور، و 965 كم (600 ميل) فوق يوكون.
يسبح الحوت الأبيض بين الجبال الجليدية والطوافات الجليدية في المياه الجليدية في القطب الشمالي وشبه القطب الشمالي، حيث قد تنخفض درجات حرارة الماء إلى 0 درجة مئوية (32 درجة فهرنهايت)، وتم العثور على الحوت الأبيض بشكل عام في المياه الساحلية الضحلة، وغالبا في المياه بالكاد بعمق كاف لتغطية جسمه، وقد يتردد أيضا على المياه العميقة، وفي الصيف تم العثور على العديد من التجمعات السكانية في مصبات المياه الدافئة وأحواض الأنهار، ويبدو أن الحوت الأبيض يتكيف جيدا مع كل من موطن المحيط البارد و موائل المياه العذبة الأكثر دفئا.
هجرة الحوت الأبيض
تقوم بعض مجموعات الحوت الأبيض بهجرات موسمية بينما يبقى البعض الآخر في منطقة صغيرة نسبيا على مدار السنة، وتحدد الظروف البيئية سلوك الهجرة، وتهاجر معظم الحيتان البيضاء جنوبا مع تقدم الجليد في الخريف، ويعيش أحد السكان في الصيف في مصب نهر ماكنزي في الأقاليم الشمالية الغربية بكندا، ويهاجر 5000 كيلومتر (3.105 ميل) جنوب غرب إلى المناطق الساحلية لبحر بيرينغ في الشتاء، وتهاجر مجموعات أخرى من الحيتان البيضاء شمالا في الخريف، تهاجر الحيتان البيضاء التي تقضي الصيف في مصبات الأنهار في خليج هدسون شمالا إلى الخليج المفتوح في الشتاء، وقد يهاجر الحوت الأبيض إلى المياه الضحلة أو العميقة.
غذاء الحوت الأبيض
يتغذى الحوت الأبيض على كميات كبيرة من أنواع الأسماك مثل سمك الرنجة وسمك السلمون وسمك الزعفران والسمك الأبيض، كما أن الحوت الأبيض يستهلك كميات كبيرة من اللافقاريات مثل الحبار وسرطان البحر والمحار والاخطبوط والقواقع البحرية والديدان، ويتغذى الحوت الأبيض على ما يتراوح بين 2.5-3 في المائة من وزن جسمه في اليوم الواحد وهو ما يعادل 18.2-27.2 كيلو جرام تقريبا.
يأكل الحوت الأبيض نظاما غذائيا متنوعا يشمل سرطان البحر والجمبري والحبار والمحار والأخطبوط، كما أنه يستهلك كمية كبيرة من الأسماك، بما في ذلك سمك القد، والرنجة، والأسماك المفلطحة، والسلمون والإيولاكون، ويهاجر الحوت الأبيض بشكل متكرر ويعيش في مجموعات في جميع أنحاء نصف الكرة الشمالي لذلك يتغير نظامه الغذائي مع موقعه ومواسم مرورها، ويسافر العديد من الأفراد آلاف الأميال كل عام.
على سبيل المثال، عند السباحة في بحر بوفورت، يكون مصدر الغذاء الرئيسي لهم هو سمك القد في القطب الشمالي، ولدى السكان بالقرب من جرينلاند مجموعة واسعة من الفرائس منها الروبيان الشمالي، وسمك الهلبوت، وسمك الورد، وعندما يتحرك في المياه العميقة يتغذى الحوت الأبيض على اللافقاريات مثل الديدان الرملية و الروبيان والقواقع البحرية والأخطبوط والديدان ذات الشعر الخشن.
كيف يصطاد الحوت الأبيض؟
يمتلك الحوت الأبيض نطاقا واسعا من الحركة في عنقه، مما يسمح له بالتغذية على طول قاع البحر بسهولة، وتشير بعض الأدلة إلى أنه قادر على إنتاج شفط قوي بما يكفي بفمه لتجميع الفريسة بشكل غير مباشر، وعند البحث عن الطعام على طول قاع المحيط، سيكتشف الحوت الأبيض على أعماق تتراوح من 20 إلى 40 مترا، ومع ذلك، فمن المعروف أنه يغوص لمسافة تزيد عن 500 متر بحثا عن الطعام، ويأكل الحوت الأبيض المزيد من الطعام في الشتاء، حيث تشير الأدلة إلى أن شحمه يكون أكثر كثافة في أوائل الربيع، ويعتقد أنه يتخلى عن الصيد طوال هجرته الصيفية، حيث يصبح جلده ضعيفا في أوائل الخريف.
عند الصيد كمجموعة، سوف تتجمع الحيتان البيضاء في مجموعة حول الأسماك، وتدفعها في المياه الضحلة قبل أن تتغذى على فرائسها، وليس لدى الحوت الأبيض الحاجة أو القدرة على مضغ طعامه فكل شيء يؤكل بالكامل، وهذا النوع لديه جهاز تحديد الموقع بالصدى بارز على مقدمة رأسه يسمى البطيخة، بالإضافة إلى استخدامها للتواصل، ويستخدم الحوت الأبيض البطيخة للصيد في المياه المظلمة، ويتساءل بعض الباحثين عما إذا كان يمكن اعتبار نداءات الحوت الأبيض بيلوجا لغة حيث لوحظت أصوات متحركة ثابتة، وهو عرضة للتلوث الضوضائي الذي يسببه الإنسان مما يغير وتيرة النداء والتواصل.
سلوك الحوت الأبيض
أما عن سلوك الحوت الأبيض فهو يحيا في جماعات كبيرة يتراوح عدد أفرادها بين 20-100 حوت، وكثيرا ما يشاهد في الأنهار الكبيرة مثل نهر يوكون ونهر سانت لورنس ويهاجر بالخريف بشكل منتظم من الشمال إلى الجنوب ويعود إلى موطنه في الربيع، وعندما يسبح فإنه لا يكشف جسمه إلا عندما يصعد إلى السطح ليستنشق الهواء، ويقتات بالرخويات وبأسماك الأعماق الأخرى.
وللحيتان البيضاء صوت مميز جدا تستخدمه للتخاطب فيما بينها، لذا يسمى الحوت الأبيض بكناري المحيطات، أما عن حركته فهو بطئ جدا في السباحة ولكنه يستطيع أن يغوص إلى 700 متر تحت سطح الأرض، والحوت الأبيض من الأنواع المهاجرة ففصل الشتاء يقضيه كله في الجليد وعندما يحل فصل الصيف يتجه إلى مصبات الأنهار والمياه الضحلة الأكثر دفئا, ولكن البعض لا يهاجر لمسافات كبيرة خلال العام.
تكاثر الحوت الأبيض
تختلف مدة الحمل في الحيتان باختلاف الأنواع، ولكنها في معظم الأنواع تستغرق فترة تتراوح ما بين 10-12 شهرا، فنجد أن معظم أنواع الحيتان موسمية التناسل، أي أنها تتناسل في موسم معين، وبمجرد ولادة الصغير، تدفعه أمه إلى سطح الماء ليتنفس الهواء من الجو للمرة الأولى في حياته، والحوت الأبيض الأم شديدة الحرص على صغيرها، فتظل ترعاه لمدة عام على الأقل بعد ولادته، ترضع الأمهات صغارها كبقية الثدييات، وللأم عضلات صدرية خاصة لضخ اللبن في فم الصغير، ولبن الحيتان عالي التركيز، ويحتوي على نسبة من الدهن والبروتين والأملاح المعدنية أعلى من تلك الموجودة في ألبان الثدييات الموجودة على اليابسة.
هل الحوت الأبيض لديه مفترسات؟
يمتلك الحوت الأبيض عددا قليلا من الحيوانات المفترسة الطبيعية، بما في ذلك الدببة القطبية والحيتان القاتلة، ولسوء الحظ، كان الحوت الأبيض أيضا هدفا للصيد البشري لعدة قرون، وتم حظر هذا في معظم أنحاء العالم، لكن الصيد الجائر لا يزال يمثل مشكلة خطيرة، ومع حلول فصل الشتاء في القطب الشمالي سرعان ما تتجمد أجزاء كثيرة من البحر، وعندما يتحرك الحوت الأبيض بحثا عن مياه أكثر دفئا، فإنه غالبا ما يعلق تحت طبقات من الجليد ويصبح غير قادر على إيجاد طريقه للهواء، ولا تستطيع الدببة القطبية شم رائحة هذه الحيتان البيضاء المحاصرة فحسب، بل يمكنها أيضا سحب الجثث التي تزن غالبا أكثر من 2000 رطل على الجليد لتناول العشاء.
تعيش الحيتان القاتلة في نفس مياه القطب الشمالي التي يعيش فيها الحوت الأبيض، ويمكن لمجموعات من الحيتان القاتلة أن تهزم كل من الحوت الأبيض الصغير والبالغ، وقد تم توثيق ذلك بشكل متكرر في مياه ألاسكا وكندا وروسيا، ويتمتع الحوت الأبيض بميزة واحدة في هذه الحالة وهي افتقاره إلى الزعنفة الظهرية، وتمتلك الحيتان القاتلة زعنفة ظهرية يمكن أن يصل طولها إلى أكثر من 6 أقدام، مما يمنعها من الاقتراب الشديد من الجليد السطحي أو ثقوب التنفس.
التهديدات التي تواجه الحوت الأبيض
يعد الصيد من قبل مجموعات السكان الأصليين من الإنويت وألاسكا أكبر تهديد معروف للحوت الأبيض عبر أجزاء معينة من مداه، والتهديدات الأخرى هي تلوث مصبات الأنهار والأمراض المعدية والاضطراب عن طريق نقل السفن والغاز وإنتاج النفط، ومصدر القلق المتزايد هو الضوضاء، والتي يمكن أن تلحق الضرر بسمع الحوت الأبيض وتؤثر في قدرته على التنقل والتواصل وتحديد موقع الفريسة، ووفقا للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة يبلغ الحجم الإجمالي للحوت الأبيض 136000 فرد ناضج، وحاليا، تم تصنيف هذا النوع على أنه أقل قلقا في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.
حقائق عن الحوت الأبيض
* على الرغم من كونه حوتا مسننا، إلا أن الحوت الأبيض لا يمضغ طعامه، وبدلا من ذلك يبتلع فرائسه كاملة.
* متوسط فترة الحمل للحيتان البيضاء تدوم ما بين 14-15 شهرا، وتلد إناث الحوت الأبيض عجلا واحدا مرة كل ثلاث سنوات في المتوسط ويبلغ طول الصغير حوالي خمسة أقدام، وعادة ما يرضع من الأم لمدة تصل إلى عامين.
* تأتي كلمة بيلوغا من الكلمة الروسية بيلو التي تعني الأبيض، ومع ذلك، يولد هذا الحوت الأبيض باللون الرمادي الداكن، وقد يستغرق الأمر ما يصل إلى ثماني سنوات قبل أن يتحول لونه إلى اللون الأبيض تماما.
* الحوت الأبيض قادر على السباحة للخلف.
* في عام 2009 ، أنقذ حوت أبيض أسير إحدى المشاركات في مسابقة غوص بدفعها إلى السطح.
* تشمل التهديدات التي يتعرض لها الحوت الأبيض الأسر، وتغير المناخ، والصيد، وتطوير النفط والغاز، والتلوث الصناعي والحضري، وتعتبر الدببة القطبية و دلافين أوكرا من الحيوانات المفترسة المعروفة للحوت الأبيض في جميع أنحاء منطقة القطب الشمالي.
* يشار أحيانا إلى الحوت الأبيض باسم رأس البطيخة بسبب البنية المنتفخة التي تحتل جبين الحوت، ويعتقد أن العضو الدهني يساعد في تحديد الموقع بالصدى (وهي عملية تستخدم فيها الحيوانات أصداء مكالماتها لتحديد الأشياء)، ويمكن ملاحظة تغيير الشكل أثناء نطق الحيتان، ولقب آخر اكتسبه الحوت الأبيض هو كناري المحيط نظرا للنطاق الصوتي الغني والمتنوع، وقام العلماء بتوثيق ما لا يقل عن 11 صوتا مميزا للحوت الأبيض، بما في ذلك الصفارات عالية النبرة، والنقرات، والمواء، والثغاء، والسقسقة، والنغمات الشبيهة بالجرس.
* لا تلتحم فقرات عنق الحوت الأبيض معا، مما يمنحه قدرة غير عادية على قلب رأسه لأعلى ولأسفل ومن جانب إلى جانب، ويعتقد أن التكيف يساعده على استهداف فرائسه في المناطق المليئة بالجليد أو الطمي.
* تم الإبلاغ عن الحوت الأبيض الذي يعيش في الأسر لتقليد خطاب معالجيه من البشر، وكان نوك وهو حوت ابيض عاش في المؤسسة الوطنية للثدييات البحرية في سان دييغو لمدة 30 عاما من أوائل الحيتان البيضاء الذي لوحظ هذا النوع من السلوك، وتمكن نوك من إقناع غواص بشري بالتسلق من خزان الحوت عندما سمع ما يعتقد أنه شخص آخر يأمره بالمغادرة، واتضح أن الصوت كان في الواقع صوت نوك يقلد كلمة أخرج.
* الحوت الأبيض مخلوق اجتماعي للغاية ويعيش عموما معا في مجموعات صغيرة تعرف باسم القرون، وغالبا ما توجد أجهزة الإتصال الصوتية هذه في المياه الساحلية للمحيط المتجمد الشمالي متنقلة بحثا عن الطعام والتواصل الإجتماعي في كل من القرون الصغيرة والكبيرة.